نبذة عن الكتاب
(اليوم استحوذَتْ عليَّ الفكرة التي تُلح على أفكاري منذ أسابيع. سأدعو الموت ضيفًا مُرحبًا به يقبض روحي ويُخلصني من آلامي. لم أعُد أحتمل رائحة التحلُّل التي فاحت وانتشرت من كل أعضائي. ظننتُ أن استخدام العطر بكثافة سيُخلصني من مُطاردة تلك الرائحة لأنفي، لكنها كانت أكثر إصرارًا على الانتشار. بِتُّ أشعر أنها تُلاحقني بكل مكان أدخله، وأرى نفور الناس مني حين أمرُّ جوارهم. العفن والتحلل لم يكتفيا بالتهام أعضائي، لكنهما استفحلا حتى التهما جدار بطني الخارجي. الضِّمادات ما عادت قادرة على إخفائه عن أنظاري. أحياناً كنت أرى بعض الدود يخرج من جُرحي المُلوث. صِرتُ أستخدم المُطهر الذي تُحضره والدتي استجابة لطلبي بكمية كبيرة، ورغم ذلك لم يتحسَّن وضعي. الدواء الذي أتناوله لم يعُد يُفيدني؛ فتوقفت عن تناوله وصِرتُ أُوهم المُمرضة بالتزامي به، بينما أُخفيه في كفي لألقيه في المرحاض، فما جدوى الحياة حين نعيشها بآلام تنتهك رُوحنا وتنهش ذكرياتنا!حتى ذكرياتي ذهبت مع الحادثة التي تعرضتُ لها. أنا لا شيء، مُجرد ذاكرة خاوية وجسد مهترئ مُتحلل. إذًا هو الخلاص ولا شيء غيره. سأترك يومياتي لكل من أَحبني يومًا لأخبره بأني آسفٌ إن سببتُ له التعاسة بكل آلامي، وأرجو أن أكون بخير بعد الموت، وألَّا أظل أشتم تلك الرائحة المُنبعثة مني؛ فلا أظن بعد الموت موتة أخرى!).