نبذة عن الكتاب
“في يوم الجمعة 15 فبراير بمنطقة الجنوب، ببلدة بعيدة تدعى المشرق الأحمر، الساعة الآن الثانية بعد منتصف الليل، بداخل المقابر العامة، وبالتحديد في جانبها الشرقي، فُتحتْ مقبرةٌ لعائلةٍ آخر من دُفن فيها كان منذ أكثر من عشرين عامًا، ومن تبَقَّى من تلك العائلة هجر تلك المقبرة والبلاد ليعيش ويُدفن بالخارج، يُضيء القمر ما يطاله منها، ولكن يقطع ضوءه رجلٌ يَعرف طريقه جيدًا، ينزل فيها كعادته، فهي تعتبر مخبأه السري الذي لا يعلم عنه أحدٌ، ولا يعرفون ما به من أجهزةٍ ومعدات، يُنزِل من على كتفهِ جثةً لفتاةٍ تُوفيت ودُفنت اليوم، يضعها على الأرض، ثم يقوم بما يفعله كعادته بتلك الجثث؛ فهو مريض بنيكروفيليا، وعندما انتهى منها قام برسم نجمةٍ خماسية حولها، ووضع خمسَ شموعٍ على الرؤوس الخمسة للنجمة، ثم أشعلهم جميعًا لتنيرَ المقبرة بضوءٍ أصفر ممزوجٍ بضوء القمر المتسلل، وأمام كل شمعة صورة لشخصٍ معين، خمسُ صورٍ؛ ثلاثٌ منها لفتياتٍ واثنان لشابين، قام بقصّ شَعر الجثة ونثره حول النجمة ليرسم به دائرة، وجلس هو في منتصف تلك النجمة أمام جثة الفتاة، ثم فتح حاسوبه المحمول ووضعه على بطن الجثة، وقام بكتابة أشياء كثيرةٍ على الحاسوب وعلى جسدها وهو يتمتم بكلماتٍ غريبةٍ ويهتز جسده للأمام والخلف كأنه أرجوحة، تزداد اهتزازاته مع ارتفاع حِدة صوته، ينقلب لون عينيه للَّون الأبيض، ينزف دمًا من أنفه وأذنيه، تَصلَّب ظهره منتصبًا وازدادت رعشةُ قدميه، تعالت آهاته من كثرة الألم، وفجأة! ارتفعتْ شعلات الشموع عاليًا، فاحترقتِ الصور الخمس من تلقاء نفسها، واشتعلت ذاتيًا الدائرةُ التي رسمها بشعر الفتاة، ثم فرد ذراعيه جانبًا وارتفع صراخه حتى انشق صدره بشقٍّ طولي، وخرج منه لهيبُ نارٍ أزرق، ثم بدأ في الاحمرار، ظل ينتشر على جسده كأنه سِربُ نملٍ يخرج من عُشه وهو لا يستطيع الحراك، يصرخ فقط، تصلبت جميع أطرافه فأصبح كصنم والنار تصهره، وكأن جسده تحول من جسدٍ ذي لحمٍ ودمٍ لجسد من الشمع، تتساقط قطرات من اللحم الملتهب من جسده حتى ذاب نهائيًا، ثم انطفأت النار، بقي حاسوبه المحمول كما هو لم يُمس، ثم عمَّ الصمت المكان، وأُغلق من فوقهِ باب المقبرة ولم يبقَ سوى الظلام، الظلام فقط.”