نبذة عن الكتاب
“بعد نهار من التنقل بين غرف العمليات، ومحاولات جاهدة؛ لنسيان كل ما تعرضت له من إزعاجات، وإساءات إلى حين وصولي إلى المريض، الذي لا ذنب له في كل ما مررت به قبل الوصول إليه، والتركيز عليه وحده؛ لأتمكن من تخديره، وجعل تجربته الجراحية أقل رضاً قدر الإمكان، ثم الذهاب إلى مكتب الترجمة، حيث أبدأ ساعات من العمل الجاد.
فتاة وحيدة بين مجموعة من الشبان؛ لاضطراري إلى الدوام المسائي؛ بسبب عملي النهاري كطبيبة. ثم العودة إلى المنزل وأنا أحمل مواد الترجمة: من أفلام، ومسلسلات، وبرامج وثائقية؛ لأعمل بها ليلاً.
وقد تسألونني لماذا أعمل طبيبة تخدير؟ وهو اختصاص مطلوب جدًا في مجال الترجمة.
حسناً، أنا لا أجيد تملق الأطباء، ولا التوسل للمشاركة في عملية، ولا المساومة على صحة المريض؛ لتخفيض النفقات، لذا لا أصلح للعمل في المستشفيات الخاصة.
لذا اضطررت إلى كسب عيشي من مجال آخر تماماً، لم أدرسه في الجامعات، ولا أعرف تماماً من أين تعلمته؟ وهو الترجمة.
حسنًا، بعد الانتهاء من هذا كله، وقراءة بعض المقاطع من كتاب ملقى إلى جانبي على السرير، تأتي الساعة الرهيبة: ساعة الاستسلام إلى النوم، فتصرخ في داخلي تلك الأنثى؛ لأبقئها سجينة طوال الوقت؛ لأنني لا أريد أن أعرضها إلى القذارات التي ألتقي بها في الطريق، ولا أريد استخدامها للوصول إلى أية غاية.
وهنا على هذه الصفحات تقرؤون صرخاتها، وجنونها، بعد أن أُحررها لهذه اللحظات القليلة؛ لتسمح لي بالنوم.
هنا على هذه الصفحات تتكلم الأنثى في داخلي، تعدين دوزنة حياتي، وذهني، وكياني، وروحي. وبقيت صرخاتها سجينة الدفتر، وملفات الحاسوب التي دونتها عليها حتى الآن.
الآن قررت أن أسمع صرخاتها للعالم؛لأنها لم تعد تهتم، ولم يعد لديها ما تخسره.
وإياكم ألا تحذروا ممن ليس لديه ما لا يخسره!
قصص قصيرة، خواطر، دخلت كياني وأيقظته، منها الواقعي، ومنها شبه الواقعي، لكن.. ليس هناك شيء متخيل.
ويبقى الواقع أقسى وأشد أذى على تلك الروح، التي حاولت الكثير الحفاظ على نقائها إلى أقصى حد ممكن.
حيث نجحت أحياناً، وفشلت فشلاً ذريعاً أحياناً أخرى.
إليكم تجربتي، أنقلها بصدق وشفافية، ولا أتوقع لمن لم يعش حياة شخص ليوم واحد أن يفهمها تماماً، لكن…. ربما هناك من تتماهى روحه مع شيء من تلك الكلمات.
وهذا يكفيني تماماً.