نبذة عن الكتاب
بدايةً، هذا عملٌ إن صنّفته أنقصته حقّه، فهو ليس بكتاب سيرة ذاتية، ولا كتاب تاريخٍ، ولا اقتصاد، ولا علم اجتماع، ولا كتاب خواطر، ولا رواية، بل يجمع من كلّ صنف أدبي ويقتبس من حبر كل قلمٍ خط كلمة ليخرج إليك كتاب شامل في مضمونه، رشيق في عرضه، يفيض بحكايات عذبة، تترنح في ذاكرة صاحبتها فتغدو وتُصبح وتمسي بين المواقف وكأنَّ الزمن في روايتها دائري!كتابٌ في ظاهره حكاية عن عائلة، سواء عائلة الغازي أحمد مختار أو عائلة محمد عليّ باشا، قد يوهمك أنَّ ما فيه مُجرّد «حنين ونوستالجيا» واسترجاع لماضٍ عاشت الكاتبة بعضًا منه وتأثرت حياتها ببعضه الآخر.. لكنّه مخطوط عن الطفولة، وما يُشكّلنا فيها عندما نكبر.. أيّ كلمة، أي فعلٍ، أيّ حركة شاهدتْها الكاتبة وهي طفلة، أعادتها ذاكرتها عليها مرارًا وهي شابة، وعجنتها الأيام والسنون بأثرها وهي على عتبات النضج والرشد.
وهو كتابٌ عن النّساء، نصف المجتمع الذي يُشكّل النصف الآخر.. ربما تبدو حياة الحريم لقارئ غير متخصص لا تزيد عن كونها حياة جامدة، لا تتجاوز الجدران والأسوار العازلة، ما بداخلها كئيب، ساكن، لا يتحرك، ويكاد يتوقف الزمن بداخله، لخنوع صاحباته ورضخوهن بتلك الحياة.. لكن بتتبع خيوط النساء في نسيج الحكايات هنا نرى شرارات ثورة، ونتيقن أنَّ النساء بطبيعتهن متحركات، فاعلات، بروح ديناميكيّة، إن أوقفت «الدينامو» لديهن، ربما يخفت ضوؤهن، وربما.. تجدهن يلجأن إلى كلّ الحيل لإعادة تشغيله، حتى إن قصصت لهن كل الأجنحة، ونزعت عنهن كلّ سبل الطيران، حسبهن أن يقررن التحليق وسيفعلن.