نبذة عن الكتاب
العام الرابع والثلاثون بتوقيت بلدة آمنة:
حياة هادئةٌ ورتيبة، لا تنطوي على أسرار، ماضٍ نظيف، حاضرٌ حنون، ومستقبَل واعِد، تلك الحياة ليست أمنيتي، لأنني أعيشُها بالفعل، في كنفِ طمأنينةٍ تطبطب على قلبي الذي لم يذقْ وجعًا. يشتكي لي النّاسُ من الدّنيا، فأقرُّ بأن لكلٍّ دنياه، الدّنيا ليست واحدة، لها وجوهٌ عدّة، ووجه دنياي البشوش لم يبشَّ لهم، أرقُّ لحالهم، ولا أعترِض على تذمراتهم، لكنني بالمقابل أخشى إخبارَهم أنّني على خيرِ ما يرام، الفقرُ يؤلمُهم، أمّا أنا فأملك كفايتي، فروعهم الدّراسية لا تلائمهم، أما أنا فأعشقُ كوني دارسًا لعلم النّفس، يضيقون بأُسرهم، بالفجواتِ الشاسعة بينهم، باضطرارهم ليزيّفوا أفكارَهم كي يرضى عنهم الآباء والأمهات والمجتمع، بكمّ غيرِ قليلٍ من الأسرار والمكبوتات يوارونه عن الأعين ويرهقون به ذواتهم خفيةً، أمّا أكثرُ ما أعتزّ به فهو أريحيتي مع الجميع، شفافية أسرتي معي، وشفافيتي معها، حُريّةٌ سَمُوحة مُنحتُها، لم أُجبَر على عكس ما أشعر أو أفكر به لأتماشى مع أحد.