نبذة عن الكتاب
“فعلا، كان الأمر يستحق المجازفة يومها أيضا، الساعة ساعة قيلولة، ودرج العمارة التي نسكن فيها يأز فيه الذباب، لم يكن الهواء حارا ولكنه ساكن، وكان رأس الفتاة متعرقًا بشدة لدرجة أنه انزلق مرتين وأنا أحيطه بكلتا كفيْ، لم يكن ملح الفتاة مضبوطا، كأنك أضفت إلى ريقها وشفتيها بهارات زائدة عن الحد، فكان طعم القبلة المتأنية حريفا، جعل ضغط دمي يصعد إلى السماء في لحظة، تبادلنا قبلة واحدة طويلة وافترقنا دون كلمة واحدة، نزلت هي وصعدت أنا، ربما كنت أنزل أنا وهي تصعد، ولكن القبلة بلبلتنا، أو تسببت في جعلنا نتبادل أجزاءً من ذاكرتنا، وأجزاء من شعورنا، هل تعرف، وأنا أتلمظ بعد القبلة شعرت بشفتيّ ناعمتين وكأنهما شفتا الفتاة، وكنت واثقا أن شفتيّ معها، تشعر بخشونتهما، بل وأجزاء من مريئي، أما مريئها فكان جافا، جعلني عَطِشا، باب شقتنا كان مفتوحا، دخلت المطبخ، وفي دورق من البلاستيك كانت والدتي وضعت به تمرًا مبللًا للإفطار، ظللت أجرع منه حتى امتلأت بطني، وعندئذ تذكرت أنني في نهار رمضان.إياك يا إسماعيل، إياك أن تقترب منها إن أتيحت لك الفرصة، الجميع يقتربون ويعانون، لا أعرف نوع السحر الذي ابتلعته هذه المرأة وهي صغيرة لتكون ملعونة وساحرة لهذه الدرجة، فهي ليست جميلة كأجمل بنات عائلتها ولكن الرجال يتهافتون عليها، وينتهي بهم الأمر إلى الرضا بفتاتها، صارت تعويذة بنات العائلة بهذه الطريقة، وأقرب حكاياتها أنها كانت في حفل زفاف أحد قريباتها وكانت ترتدي فستانًا جديدًا معدلًا من تصميم لكارولينا هريرا، هذا الفستان، يا إلهي، كانت مثل شمعة مقدسة بالضياء كتب عليها أن تذوب إلى ما لا نهاية دون أن تضمحل، داخ نصف رجال الحفل أما النصف الآخر فتماسكوا بالبلاهة والضحكات المذهولة، رجل واحد فقط استطاع أن يخوض في هالة سحرها حتى وصل إليها، وأمام الجميع ركع على ركبتيه في الشرفة وطلب يدها، مشهد خيالي يغسل القلب ويعود به سنوات ليصير شابا، وأمام الجميع أيضا وببساطة رفضت الرجل كسيدة ناضجة ترفض الذهاب إلى رحلة مدرسية.”