نبذة عن الكتاب
“قال ذو النون لفتى من النّساك: يا فتى، خذ لنفسك بسلاح الملامة، وأقمعها بردّ الظلامة؛ تلبس غذا سرابيل السلامة، واقصرها في روضة الأمان وذوقها مضض فرائض الإيمان؛ تظفر بنعيم الجنان، وجرعها كأس الصبر، ووطنها على الفقر حتى تكون تام الأمر، فقال له الفتى: وأي نفس تقوى على هذا؟ فقال: نفس على الجوع صبرت، وفي سريال الظلام خطرت، نفس ابتاعت الآخرة بالدنيا بلا شرط ولا ثنيا، نفس تدرعت رهبانية القلق، ورغت الدجا إلى واضح الفلق، فما ظنك بنفس في وادي الحنادس سلكت، وهجرت اللذات فملكت، وإلى الآخرة نظرت، وإلى العيناء أبصرت، وعن الذنوب أقصرت، وعلى الذر من القوت اقتصرت، ولجيوش الهوى قهرت، وفي ظلم الدياجي سهرت؟ فهي بقناع الشوق مختمرة، وإلى عزيزها في ظلم الدجا مشتمرة، قد نبذت المعايش، ورغت الحشايش، هذه نفس خدوم، عملت ليوم القدوم، وكل ذلك بتوفيق الحي القيوم.
من كتاب أعلام التصوف”